بسم
الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول
المسألة الأولى:
العلم [4]
__________
[4] قوله: العلم: المراد بالعلم هنا هو العلم الشرعي؛ لأنه
هو الذي يجب تعلمه، وهذه المسائل يجب تعلمها على كل مسلم من ذكر أو أنثى أو حر أو
عبد أو غني أو فقير أو ملك أو صعلوك، كل مسلم يجب عليه أن يتعلم هذه المسائل
الأربع.
وهذا ما يسميه العلماء بالواجب العيني، وهو
الذي يجب على كل أحد من المسلمين، فالصلوات الخمس على الرجال والنساء، وصلاة
الجماعة في المساجد على الرجال هذا واجب على كل فرد من المسلمين أن يتعلمها؛ ولذلك
قال: يجب علينا، ولم يقل: يجب على بعضنا، وإنما قال: يجب علينا، يعني معشر
المسلمين، فهذا من العلم الذي يجب تعلمه على الأعيان؛ لأن العلم على قسمين:
القسم الأول: ما يجب
تعلمه على الأعيان، فلا يعذر أحد بجهله وهو ما لا يستقيم الدين إلا به، مثل أركان
الإسلام الخمسة التي هي: الشهادتان، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ،
وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بيت الله الحرام، لا يجوز لمسلم أن يجهلها بل لا بد
أن يتعلمها.
لأن تعلم معنى الشهادتين إنما هو تعلم
العقيدة، يتعلم المسلم العقيدة من أجل العمل بها، ويتعلم ما يضادها من أجل أن
يتجنبه، هذا مضمون الشهادتين، كذلك يتعلم أركان الصلاة وشروط الصلاة، وواجبات
الصلاة، وسنن الصلاة، يتعلم بالتفصيل هذه الأمور، ليس مجرد أنه يصلي وهو لا يعرف
أحكام الصلاة. كيف يعمل الإنسان عملا وهو لا يعلم هذا العمل الذي يؤديه؟ كيف يؤدي
الصلاة وهو جاهل بأحكامها؟ فلا بد أن يتعلم أحكام الصلاة، ومبطلات الصلاة، لا بد
من تعلم هذا.
كذلك يتعلم أحكام الزكاة، ويتعلم أحكام
الصيام، ويتعلم أحكام الحج، فإذا أراد أن يحج وَجَبَ عليه تعلم أحكام الحج وأحكام
العمرة، من أجل أن يؤدي هذه العبادات على الوجه المشروع.
وهذا القسم لا يعذر أحد بجهله، وهو ما يسمى
بالواجب العيني على كل مسلم.
القسم الثاني من أقسام العلم:
فهو ما زاد عن ذلك من الأحكام الشرعية التي تحتاجها الأمة بمجموعها وقد لا يحتاجه
كل أحد بعينه مثل أحكام البيع وأحكام المعاملات، وأحكام الأوقاف والمواريث
والوصايا، وأحكام الأنكحة، وأحكام الجنايات، هذه لا بد منها للأمة، لكن لا يجب على
كل فرد من الأمة أن يتعلمها بل إذا تعلمها من يحصل به المقصود من العلماء كفى هذا؛
ليقوموا بحاجة المسلمين من قضاء وإفتاء وتعليم وغير ذلك، هذا يسمى واجب الكفاية
الذي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثموا جميعا.
ولهذا قال الشيخ: يجب علينا، ولم يقل: يجب على
المسلمين، أو يجب على بعضهم. ولنعلم أيضا قبل الدخول في المسائل أن المراد بالعلم
الذي يجب على الأمة إما وجوبا عينيا أو كفائيا أنه العلم الشرعي الذي جاء به
الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
أما العلم الدنيوي كعلم الصناعات والحِرَف
والحساب والرياضيات والهندسة، فمن جهله فلا إثم عليه، ومن تعلمه فهو مباح له، فهذا
العلم مباح يباح تعلمه وقد يجب إذا احتاجت الأمة إليه، وإذا نفع به الأمة فهو
مأجور عليه ومثاب عليه.
فقوله:
العلم: هذا هو العلم الشرعي المطلوب منا جماعة وأفرادا، وهو معرفة الله بأسمائه
وصفاته، ومعرفة حقه علينا وهو عبادته وحده لا شريك له، فأولُ ما يجب على العبد هو
معرفةُ ربه - عز وجل - وكيف يعبده.