الأربعاء، 29 يناير 2014

التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وليس هو إفراد الله بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، لأن هذا شيء معروف، ولا يكفي توحيد الربوبية في تعريف التوحيد.

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول 81/1))
التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، لأن الله قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وقال أهل التفسير: يعبدون أي يوحدون، ففسروا التوحيد بالعبادة.
فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة وليس هو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر، لأن هذا موجود في الفطر، موجود في عقول العقلاء، لا يوجد عاقل في الدنيا يعتقد أن أحدا خلق السماوات والأرض غير الله سبحانه وتعالى، لا يوجد أحد في العالم كله وما فيه من الكفار والملاحدة يعتقد أن أحدا خلق بشرا {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] . لا يوجد عاقل في العالم يعتقد أن بشرا يخلق بشرا إنسانا يمشي على الأرض ويتكلم ويأكل ويشرب، هل يوجد عاقل يعتقد هذا؟ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36] . توحيد الربوبية موجود في الفطر والعقول لكنه لا يكفي بدون توحيد العبادة، وهو إفراد الله بالعبادة.
ولهذا قال الشيخ: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وليس هو إفراد الله بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، لأن هذا شيء معروف، ولا يكفي توحيد الربوبية في تعريف التوحيد.

لا يكفي الانتساب لملة إبراهيم وأنت لا تعرفها، وإذا سئلت عنها تقول: لا أدري، هذا لا يجوز

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول 73/1))
يجب على المسلم أن يعرف ما أوجب الله عليه من أجل أن يمتثله، ومن أجل أن لا يخل به، لا يكفي الانتساب بدون معرفة، لا يكفي أن ينتسب للإسلام وهو لا يعرفه، ولا يعرف ما هي نواقض الإسلام، وما هي شرائع الإسلام، وأحكام الإسلام، ولا يكفي الانتساب لملة إبراهيم وأنت لا تعرفها، وإذا سئلت عنها تقول: لا أدري، هذا لا يجوز، يجب أن تعرفها جيدا من أجل أن تسير عليها على بصيرة، وألا تخل بشيء منها.

الحنيفية ملة جميع الرسل الأنبياء، وهي الدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك.

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول 71-72/1))
الحنيفية هي الملة المائلة عن الشرك إلى التوحيد، وإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - كان حنيفا مسلما، حنيفا أي مائلا عن الشرك ومعرضا عنه إلى التوحيد والإخلاص لله - عز وجل - قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]
هذه أوصاف إبراهيم - عليه السلام - العظيمة، منها أنه كان حنيفا، وأن ملته الحنيفية هي الملة الخالصة لله - عز وجل - التي ليس فيها شرك، وقد أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتبع هذه الملة بقوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123] وأمرنا نحن كذلك أن نتبع ملة إبراهيم - عليه السلام - قال تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: 78] وهي دين جميع الرسل.

ولكن لكون إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أفضل الأنبياء بعد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لاقى في سبيل الدعوة إلى التوحيد من التعذيب ومن الامتحان ما لم يلقه غيره، فصبر على ذلك، ولكونه أبا الأنبياء فإن الأنبياء الذين جاءوا من بعده كلهم من ذريته - عليه الصلاة والسلام - فالحنيفية ملة جميع الأنبياء، وهي الدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك، هذه ملة جميع الرسل.

الاثنين، 27 يناير 2014

محبة الكافر تتنافى مع الإيمان بالله واليوم الآخر

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول 63/1))
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114] . هذه ملة إبراهيم تبرأ من أبيه، أقرب الناس إليه لما تبين له أنه عدو الله.

ودلت الآية أيضًا على أن محبة الكافر تتنافى مع الإيمان بالله واليوم الآخر، إما مع أصله أو مع كماله، لكن إن كانت محبتهم معها تأييد لمذهبهم وكفرهم فهذا خروج عن الإسلام، أما إن كان مجرد محبة من غير مناصرة لهم فهذا يعتبر منقصًا للإيمان وفسقًا ومضعفًا للإيمان.

الأحد، 26 يناير 2014

تنافي محبة الكافر مع الإيمان بالله ورسوله

قال ابن القيم - رحمه الله - في الكافية الشافية:
          أتحــب أعداء الحبيب وتدعي ... حبــــــــــا له ما ذاك بإمكــــــان
         وكذا تعادي جاهــدًا أحبابــــــــه ... أين المحبة يا أخا الشيطان

من حقوق التوحيد الولاء لأولياء الله والبراء من أعداء الله

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول
مسألة الولاء والبراء وهي تابعة للتوحيد، من حقوق التوحيد الولاء لأولياء الله والبراء من أعداء الله، والموالاة والولاء بمعنى واحد، والولاء يراد به المحبة بالقلب، ويراد به المناصرة والمعاونة، ويراد به الإرث والعقل في الديات. فالمسلم يوالي أولياء الله بمعنى أنه يحصر محبته على أولياء الله ويناصرهم، فالمسلم يكون مع المسلمين بعضهم من بعض، كما قال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] . فالتعاقل في ديات الخطأ يكون بين المسلمين، وهو ما يسمى بالتكافل، كل هذا يدخل في الولاء، فلا يكون بين مسلم وكافر، والمحبة والنصرة والميراث والعقل وولاية النكاح وولاية القضاء إلى غير ذلك، فلا يكون بين مسلم وكافر؛ وإنما يكون هذا بين المسلمين لقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141] . هكذا يجب أن يتميز المؤمنون عن الكفار، فلا يجوز لمن وحد الله وأطاع الرسول - صلى الله عليه وسلم - موالاة من حاد الله.
والمحادة معناها: أن يكون الإنسان في جانب، والله ورسوله والمؤمنون في جانب، ويكون المحاد في جانب الكفار هذه هي المحادة.

قوله: ولو كان أقرب قريب: أي نسبًا، فإذا كان قريبك محادا لله ورسوله فيجب عليك محادته ومقاطعته، ومن كان وليا لله ورسوله وجب عليك أن تحبه وتواليه، ولو كان بعيدًا من النسب عنك، لو كان أعجميا أو أسود أو أبيض أو أحمر يجب عليك أن تواليه وأن تحبه سواء كان من بلدك أو من أقصى الشرق أو من أقصى الغرب، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] ، أي: بينهم المحبة والتناصر والتعاون، وبينهم الألفة هذا بين المؤمنين.

العبادة لا تنفع إلا مع التوحيد، وإذا خالطها الشرك فإنها تبطل وتكون وبالًا على صاحبها.

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول
{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} فلا تدعوا أيها الناس مع الله أحدًا، لا تستغيثوا بأحد مع الله؛ كأن يقول: يا الله يا محمد، يا الله يا عبد القادر، أو يقول: يا عبد القادر يا محمد، أو ما أشبه ذلك، فإن الله لا يرضى بذلك ولا يقبله.
وقوله تعالى: " أحدًا ": نكرة في سياق النهي فتعم كل أحد، لا يستثنى أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صنم ولا وثن ولا قبر ولا شيخ ولا ولي ولا حي ولا ميت كائنًا من كان.

فهي تعم كل من دعي من دون الله {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} فدلت هذه الآية على أن العبادة لا تنفع إلا مع التوحيد، وأنها إذا خالطها الشرك فإنها تبطل وتكون وبالًا على صاحبها.

الثلاثاء، 21 يناير 2014

{وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم


وجوب إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة والكفر بالطاغوت

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

 قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول
المسألة الثَّانِيَةُ : أَنَّ الله لا يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ معه أحد غيره في عبادته
العبادة إذا خالطها شرك فإنها لا تقبل؛ لأنه لا بد أن تكون العبادة خالصة لوجه الله - عز وجل -. فمن عبد الله وعبد معه غيره فعبادته باطلة، وجودها كعدمها، لأن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص والتوحيد فإذا خالطها شرك فسدت كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] .
وقال سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88] . فالعبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا خالط الشرك العبادة أفسدها، كما أن الطهارة إذا خالطها ناقض من نواقض الوضوء أفسدها وأبطلها، ولهذا يجمع الله في كثير من الآيات بين الأمر بعبادته والنهي عن الشرك.
قال تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] . وقال - عز وجل -: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] . فقوله تعالى: لا إله إلا أنا، فيه أمران: فيه نفي الشرك، وفيه إثبات العبادة لله تعالى.
وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] . {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] . قرن بين عبادة الله واجتناب الطاغوت؛ لأن عبادة الله لا تكون عبادة إلا مع اجتناب الطاغوت وهو الشرك. فالإيمان بالله لا يكفي إلا مع الكفر بالطاغوت، وإلا فالمشركون يؤمنون بالله لكنهم يشركون به، {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] . بين سبحانه أن عندهم إيمان بالله ولكن يفسدونه بالشرك والعياذ بالله.

قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» هناك قوم يصلون ويشهدون أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويكثرون من ذلك ويصومون ويحجون لكنهم يدعون الأضرحة ويعبدون الحسن والحسين والبدوي وفلانًا وعلانًا، ويستغيثون بالأموات، هؤلاء عبادتهم باطلة، لأنهم يشركون بالله - عز وجل -، يخلطون العبادة بالشرك، فعملهم باطل حابط حتى يوحدوا الله - عز وجل - ويخلصوا له العبادة ويتركوا عبادة ما سواه.

الأحد، 19 يناير 2014

حجية الرسل على العباد من آمن منهم أو عاند وجحد وكفر

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} ، قوله تعالى: إنا: الضمير راجع إلى الله - سبحانه وتعالى -، وهذا ضمير المعظم نفسه، لأنه عظيم - سبحانه وتعالى -.
أرسلنا: كذلك هذا ضمير العظمة، ومعنى أرسلنا: بعثناه وأوحينا إليه.
إليكم: يا معشر الثقلين الجن والإنس، خطاب لجميع الناس؛ لأن رسالة هذا الرسول عامة لجميع الناس إلى أن تقوم الساعة.
رسولًا: هو محمد - صلى الله عليه وسلم -.
شاهدًا عليكم: أي عند الله - سبحانه وتعالى - يوم القيامة بأنه بلغكم رسالة الله وأقام الحجة عليكم كما قال تَعَالَى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] فلا أحد يوم القيامة يقول: أنا لم أَدْرِ أني مخلوق للعبادة، أنا لم أَدْرِ ماذا يجب علي، ولم أَدْرِ ماذا يحرم علي، لا يمكن أن يقول هذا، لأن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - قد بلغتهم، وهذه الأمة المحمدية تشهد عليهم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] .
فهذه الأمة تشهد على الأمم السابقة يوم القيامة أن رسلها بلغتها رسالات الله، بما يجدونه من كتاب الله - عز وجل - لأن الله قص علينا نبأ الأمم السابقة والرسل وما قالوه لأممهم. كل هذا عرفناه من كتاب الله - عز وجل - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
ويكون الرسول: وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - عليكم، يا أمة محمد شهيدًا، يشهد عليكم عند الله أنه أقام عليكم الحجة وبلغكم الرسالة، ونصحكم في الله فلا حجة لأحد يوم القيامة بأن يقول: ما بلغني شيء، ما جاءني من نذير، حتى الكفار  يعترفون عندما يلقون في النار، قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك: 8، 9] يقولون للرسل: أنتم في ضلال فهم يكذبون الرسل ويضللونهم.

هذه الحكمة في إرسال الرسل؛ إقامة الحجة على العباد، وهداية من أراد الله هدايته، الرسل يهدي الله بهم من يشاء، ويقيم الحجة على من عاند وجحد وكفر.

العبادات توقيفية فلا يجوز أن يعبد الله إلا بما شرعه سبحانه وتعالى.

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم


قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول

لما كانت العبادة لا يجوز أن نأخذها من استحساننا أو تقليد فلان وعلان من الناس؛ أرسل الله إلينا رسلًا تبين لنا كيف نعبده؛ لأن العبادات توقيفية لا يجوز أن يعبد الله بشيء إلا بما شرعه.
فالعبادات توقيفية على ما جاءت به الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، فالحكمة من إرسال الرسل أن يبينوا للناس كيف يعبدون ربهم، وينهونهم عن الشرك والكفر بالله - عز وجل - هذه مهمة الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» فالعبادة توقيفية، والبدع مردودة، والخرافات مردودة، والتقليد الأعمى مرفوض لا تؤخذ العبادات إلا من الشريعة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.


الخميس، 16 يناير 2014

تنة التقليد

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم


الغاية العظيمة من خلق الله -سبحانه وتعالى- لعباده

بسم الله الرحمن الرحيم

المسألة الأولى من بين المسائل الثلاث التي يجب على المسلم تعلمها والعمل بها
قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه لثلاثة الأصول
"أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هملا بَل أَرْسَلَ إلينَا رَسُولا فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النار"

 قوله: الأولى: أن الله خلقنا: أي أوجدنا من العدم فنحن من قبل أن يخلقنا لم نكن شيئًا، كما قال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] ، وقال سبحانه: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9] كان الإنسان قبل أن يخلق ليس بشيء، والذي أوجده وخلقه هو الله - عز وجل - قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] .
قوله: ورزقنا: لما كنا نحتاج إلى الرزق إلى الطعام والشراب والملابس والمساكن والمراكب والمصالح، علم سبحانه حاجتنا سخر لنا ما في السماوات والأرض كله لمصالحنا من أجل بقائنا على قيد الحياة ومن أجل أن نستعين بذلك على ما خلقنا لأجله، وهو عبادة الله - سبحانه وتعالى -.

قوله: ولم يتركنا هملًا: الهمل: هو الشيء المهمل المتروك الذي لا يُعبأ به فالله خلقنا ورزقنا لحكمة، ما خلقنا عبثا ولا سدى قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] . (...) الله إنما خلقنا وخلق لنا هذه الأرزاق والإمكانيات لحكمة عظيمة وغاية جليلة وهي أن نعبده - سبحانه وتعالى - ولم يخلقنا كالبهائم التي خلقت لمصالح العباد ثم تموت وتذهب؛ لأنها ليست مكلفة ولا مأمورة ولا منهية، إنما خلقنا لعبادته كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات: 56 - 58] ولم يخلقنا لهذه الحياة الدنيا فقط نعيش فيها، ونسرح ونمرح ونأكل ونشرب ونتوسع فيها، وليس بعدها شيء، وإنما الحياة مزرعة وسوق للدار الآخرة نتزود فيها بالأعمال الصالحة، ثم نموت وننتقل منها ثم نبعث ثم نحاسب ونجازى بأعمالنا (...) ولهذا قد يكون من الناس من يفني عمره في عبادة الله وفي طاعته، وهو في فقر وفي حاجة، وقد يكون مظلومًا مضغوطًا عليه ومضيقًا عليه ولا ينال شيئًا من جزاء عمله في هذه الدنيا، وعلى العكس يكون من الناس كافر ملحد شرير يسرح ويمرح في هذه الحياة، ويتنعم ويعطى ما يشتهي ويرتكب ما حرم الله، ويظلم العباد ويعتدي عليهم ويأكل أموالهم، ويقتل بغير حق، ويتسلط ويتجبر ثم يموت على حاله، ما أصابه شيء من العقوبة، هل يليق بعدل الله - سبحانه وتعالى - وحكمته أن يترك هذا المطيع بدون جزاء، وأن يترك هذا الكافر بدون مجازاة، هذا لا يليق بعدله - سبحانه وتعالى -
قوله: بل أرسل إلينا رسولاً: هو محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين أرسله ليبين لنا لماذا خلقنا؟ ويبين لنا كيف نعبد الله - عز وجل -، وينهانا عن الشرك والكفر والمعاصي، هذه مهمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد بلَّغ البلاغ المبين، وأدى الأمانة، ونصح الأمة - عليه الصلاة والسلام -، وبين ووضح، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وهذا كما في تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] 
 قوله: من أطاعه: أي فيما أمر به دخل الجنة.
وقوله: ومن عصاه: أي فيما نهى عنه دخل النار.
وهذا مصداقه كثير في القرآن قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] ، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [النساء: 64] ، وقال سبحانه: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] ، وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56] ، فمن أطاعه اهتدى ودخل الجنة، ومن عصاه ضل ودخل النار، قال - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» .

تعريف الصبر وأنواعه

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول
الصبر في اللغة: الحبس، والمراد به هنا: حبس النفس على طاعة الله، وهو ثلاثة أنواع:
الأول: صبر على طاعة الله.
الثاني: صبر عن محارم الله.
الثالث: صبر على أقدار الله.
فالأول: صبر على طاعة الله، لأن النفس تريد الكسل وتريد الراحة، فلا بد أن يصبرها الإنسان على الطاعة وعلى الصلاة وعلى الصيام وعلى الجهاد في سبيل الله وإن كانت تكره هذه الأمور، يصبرها ويحبسها على طاعة الله.
والثاني: صبر على محارم الله، النفس تريد المحرمات والشهوات، تميل إليها وتنزع إليها، فلا بد أن يربطها ويحبسها عن المحرمات، وهذا يحتاج إلى صبر، وليس من السهل منع النفس عن الشهوات المحرمة، من ليس عنده صبر فإن نفسه تتغلب عليه وتجنح إلى المحرمات.

الثالث: الصبر على أقدار الله المؤلمة: المصائب التي تصيب الإنسان من موت قريب، أو ضياع مال، أو مرض يصيب الإنسان، لا بد أن يصبر على قضاء الله وقدره لا يجزع ولا يتسخط بل يحبس اللسان عن النياحة والتسخط ويحبس النفس عن الجزع، ويحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب. هذا هو الصبر على المصائب.

الأحد، 12 يناير 2014

الله -عز وعلا- يقسم بما شاء من الخلق، والمخلوق لا يقسم إلا بالله

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول
{والعصر} [الفرقان] أقسم الله - تعالى - بالزمان والوقت وهو مخلوق، والله - جل وعلا - يقسم بما شاء من الخلق، والمخلوق لا يقسم إلا بالله، والله لا يقسم إلا بشيء له أهمية، وفيه آية من آياته - سبحانه وتعالى - فهذا الزمان فيه عبرة وله أهمية، ولذلك أقسم الله بالعصر، وبالليل إذا يغشى، وأقسم بالضحى.
أما المخلوق فإنه لا يقسم إلا بالله، ولا يجوز لنا أن نحلف بغير الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» ، وقال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» .
فالله يقسم بما شاء ولا يقسم إلا بما له أهمية وفيه عبرة، ما هي العبرة في هذا الزمان؟ العبر عظيمة تعاقب الليل والنهار، وتقارضهما، هذا يأخذ من هذا، وهذا يأخذ من هذا، يطول هذا، ويقصر هذا، تعاقبهما على هذا النظام العجيب الذي لا يتخلف ولا يتغير.
هذا دليل على قدرة الله - سبحانه وتعالى -، ثم ما يجري في هذا الوقت من الحوادث والكوارث ومن المصائب ومن النعم ومن الخيرات، ما يجري في هذا الوقت هذا من العبر، وكذلك فإن الليل والنهار مجال للعمل الصالح قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} أي يتعاقبان يخلف هذا هذا {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62] وفي بعض القراءات: ( {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} ) .

فالليل والنهار كسب عظيم لمن استغلهما في طاعة الله - عز وجل - ومجال العمل هو الليل والنهار، ما عندك غير الليل والنهار، هما مجال العمل والكسب الطيب للدنيا والآخرة، في الليل والنهار عبر وفوائد لذلك أقسم الله بالعصر.

الجمعة، 10 يناير 2014

حكم الاحتفال بالمولد النبوي



وتواصوا بالصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى العلم والعمل.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول

الواجب على من يدعو إلى الله ويريد وجه الله أن يصبر على الأذى وأن يستمر في الدعوة إلى الله، وقدوته في ذلك الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وخيرتهم وخاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ماذا لقي من الناس؟ وكم لقي من الأذى بالقول والفعل؟ قالوا: ساحر وكذاب، وقالوا: مجنون، وقالوا فيه من الأقوال التي ذكرها الله - عز وجل - في القرآن، وتناولوه بالأذى، قذفوه بالحجارة حتى أدموا عقبه - صلى الله عليه وسلم - لما دعاهم إلى الله - عز وجل -، وألقوا سلا جزور على ظهره وهو ساجد عند الكعبة، وتوعدوه بالقتل وهددوه، وفي غزوة أحد جرى عليه وعلى أصحابه ما جرى، عليه الصلاة والسلام، كسروا رباعيته وشجوه في رأسه - صلى الله عليه وسلم - وقع في حفرة، وهو نبي الله، كل هذا أذى في الدعوة إلى الله - عز وجل - لكنه صبر وتحمل وهو أفضل الخلق - عليه الصلاة والسلام -، فلا بد للذي يقوم بهذه الدعوة أن يتعرض للأذى على حسب إيمانه ودعوته؛ ولكن عليه أن يصبر، ما دام أنه على حق فإنه يصبر ويتحمل فهو في سبيل الله وما يناله من الأذى فهو في كفة حسناته أجر من الله - سبحانه وتعالى- والدليل قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر] [11]

الخميس، 9 يناير 2014

من لم يدع وهو قادر على الدعوة وعنده علم وكتمه، فإنه يلجم بلجام من نار يوم القيامة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول

لا يكفي أن يتعلم الإنسان ويعمل في نفسه، ولا يدعو إلى الله - عز وجل -، بل لا بد أن يدعو غيره فيكون نافعا لنفسه ونافعا لغيره، ولأن هذا العلم أمانة، ليس بملك لك تختزنه وتحرم الناس منه، والناس بحاجة إليه، فالواجب عليك التبليغ والبيان ودعوة الناس إلى الخير، هذا العلم الذي حملك الله إياه ليس وقفا عليك؛ وإنما هو لك ولغيرك، فلا تحتكره على نفسك وتمنع الناس من الانتفاع به، بل لا بد من تبليغه ولا بد من بيانه للناس، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] .

هذا ميثاق أخذه الله على العلماء أن يبينوا للناس ما علمهم الله من أجل أن ينشروا الخير، ويخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، وهذا عمل الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ومن اتبعهم، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] هذه طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطريقة أتباعه، العلم والعمل والدعوة إلى الله - عز وجل -، «فمن لم يدع وهو قادر على الدعوة وعنده علم وكتمه، فإنه يلجم بلجام من نار يوم القيامة» كما في الحديث.

الأحد، 5 يناير 2014

العلم : هو معرفة الله ومعرفة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول
العلم: وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه [5] ومعرفة دين الإسلام [6] بالأدلة [7]


__________
[5] قوله: وهو معرفة الله: كيف يعرف العبد ربه؟ يعرفه بآياته ومخلوقاته فمن آياته الليل والنهار، ومن مخلوقاته الشمس والقمر.
يعرف الله بآياته الكونية وآياته القرآنية. إذا قرأ القرآن، عرف الله - سبحانه وتعالى - أنه هو الذي خلق السماوات والأرض، وأنه هو الذي سخر ما في السماوات والأرض، وأنه هو الذي يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأنه الرحمن الرحيم. فالقرآن يعرف بالله - عز وجل -، وأنه هو الذي أنعم علينا بجميع النعم، وأنه هو الذي خلقنا ورزقنا، فإذا قرأت القرآن عرفت ربك - سبحانه وتعالى - بأسمائه وصفاته وأفعاله.
وإذا نظرت في الكون عرفت ربك - سبحانه وتعالى - أنه هو الذي خلق هذا الخلق، وسخر هذا الكون وأجراه بحكمته وعلمه - سبحانه وتعالى -، هذا هو العلم بالله - عز وجل -.
قوله: ومعرفة نبيه: هو محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المبلغ عن الله - عز وجل -، وهو الواسطة بيننا وبين الله - عز وجل - في تبليغ الرسالة، لا بد أن تعرفه، تعرف من هو؟ وتعرف نسبه وتعرف بلده، وتعرف ما جاء به - صلى الله عليه وسلم -، تعرف كيف بدأه الوحي؟ وكيف قام بالدعوة إلى الله - عز وجل - في مكة والمدينة، تعرف سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو باختصار.

الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف إلى آخر النسب النبوي الذي ينتهي إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وتعرف كيف عاش قبل البعثة، وكيف جاءه الوحي من الله - عز وجل -، وماذا عمل - عليه الصلاة والسلام - بعد بعثته، تعرف ذلك بدراسة سيرته - صلى الله عليه وسلم - ولا يليق بالمسلم أن يجهل الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيف تتبع شخصا وأنت لا تعرفه؟ ! هذا غير معقول.

[6] قوله: ومعرفة  دين الإسلام: الذي هو دين هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل هو دين الله - عز وجل - الذي أمر به عباده، والذي أمرك باتباعه وأنت مطالب به لا بد أن تعرف هذا الدين والإسلام هو دين جميع الرسل، كل الرسل دينهم الإسلام بالمعنى العام، فكل من اتبع رسولا من الرسل فهو مسلم لله - عز وجل - منقاد له، موحد له، هذا الإسلام بمعناه العام، إنه دين الرسل جميعا، فالإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله.
أما الإسلام بمعناه الخاص فهو الذي بعث الله به نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - لأنه بعد بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا دين إلا دينه - عليه الصلاة والسلام -، والإسلام انحصر في اتباعه - صلى الله عليه وسلم - فلا يمكن لليهودي أن يقول: أنا مسلم، أو النصراني يقول: أنا مسلم، بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يتبعه، فالإسلام بعد بعثة النبي هو اتباعه - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] هذا هو الإسلام بمعناه العام وبمعناه الخاص.

[7] قوله: بالأدلة : لا بالتقليد وإنما بالأدلة من القرآن ومن السنة هذا هو العلم.
قال ابن القيم في الكافية الشافية:
العلم قال الله قال رسولــــــــــــه ... قال الصحابة هم أولو العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين النصوص وبين رأي فلان

هذا هو العلم، العلم هو علم الكتاب والسنة، أما أقوال العلماء فهي تشرح وتوضح فقط كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -

السبت، 4 يناير 2014

المسألة الأولى : العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في شرحه للثلاثة الأصول
المسألة الأولى: العلم [4]
__________
 [4] قوله: العلم: المراد بالعلم هنا هو العلم الشرعي؛ لأنه هو الذي يجب تعلمه، وهذه المسائل يجب تعلمها على كل مسلم من ذكر أو أنثى أو حر أو عبد أو غني أو فقير أو ملك أو صعلوك، كل مسلم يجب عليه أن يتعلم هذه المسائل الأربع.
وهذا ما يسميه العلماء بالواجب العيني، وهو الذي يجب على كل أحد من المسلمين، فالصلوات الخمس على الرجال والنساء، وصلاة الجماعة في المساجد على الرجال هذا واجب على كل فرد من المسلمين أن يتعلمها؛ ولذلك قال: يجب علينا، ولم يقل: يجب على بعضنا، وإنما قال: يجب علينا، يعني معشر المسلمين، فهذا من العلم الذي يجب تعلمه على الأعيان؛ لأن العلم على قسمين:

القسم الأول: ما يجب تعلمه على الأعيان، فلا يعذر أحد بجهله وهو ما لا يستقيم الدين إلا به، مثل أركان الإسلام الخمسة التي هي: الشهادتان، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بيت الله الحرام، لا يجوز لمسلم أن يجهلها بل لا بد أن يتعلمها.
لأن تعلم معنى الشهادتين إنما هو تعلم العقيدة، يتعلم المسلم العقيدة من أجل العمل بها، ويتعلم ما يضادها من أجل أن يتجنبه، هذا مضمون الشهادتين، كذلك يتعلم أركان الصلاة وشروط الصلاة، وواجبات الصلاة، وسنن الصلاة، يتعلم بالتفصيل هذه الأمور، ليس مجرد أنه يصلي وهو لا يعرف أحكام الصلاة. كيف يعمل الإنسان عملا وهو لا يعلم هذا العمل الذي يؤديه؟ كيف يؤدي الصلاة وهو جاهل بأحكامها؟ فلا بد أن يتعلم أحكام الصلاة، ومبطلات الصلاة، لا بد من تعلم هذا.
كذلك يتعلم أحكام الزكاة، ويتعلم أحكام الصيام، ويتعلم أحكام الحج، فإذا أراد أن يحج وَجَبَ عليه تعلم أحكام الحج وأحكام العمرة، من أجل أن يؤدي هذه العبادات على الوجه المشروع.
وهذا القسم لا يعذر أحد بجهله، وهو ما يسمى بالواجب العيني على كل مسلم.

القسم الثاني من أقسام العلم: فهو ما زاد عن ذلك من الأحكام الشرعية التي تحتاجها الأمة بمجموعها وقد لا يحتاجه كل أحد بعينه مثل أحكام البيع وأحكام المعاملات، وأحكام الأوقاف والمواريث والوصايا، وأحكام الأنكحة، وأحكام الجنايات، هذه لا بد منها للأمة، لكن لا يجب على كل فرد من الأمة أن يتعلمها بل إذا تعلمها من يحصل به المقصود من العلماء كفى هذا؛ ليقوموا بحاجة المسلمين من قضاء وإفتاء وتعليم وغير ذلك، هذا يسمى واجب الكفاية الذي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثموا جميعا.
ولهذا قال الشيخ: يجب علينا، ولم يقل: يجب على المسلمين، أو يجب على بعضهم. ولنعلم أيضا قبل الدخول في المسائل أن المراد بالعلم الذي يجب على الأمة إما وجوبا عينيا أو كفائيا أنه العلم الشرعي الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

أما العلم الدنيوي كعلم الصناعات والحِرَف والحساب والرياضيات والهندسة، فمن جهله فلا إثم عليه، ومن تعلمه فهو مباح له، فهذا العلم مباح يباح تعلمه وقد يجب إذا احتاجت الأمة إليه، وإذا نفع به الأمة فهو مأجور عليه ومثاب عليه.

فقوله: العلم: هذا هو العلم الشرعي المطلوب منا جماعة وأفرادا، وهو معرفة الله بأسمائه وصفاته، ومعرفة حقه علينا وهو عبادته وحده لا شريك له، فأولُ ما يجب على العبد هو معرفةُ ربه - عز وجل - وكيف يعبده.

الجمعة، 3 يناير 2014

مقدمة الثلاثة الأصول

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في مقدمة شرحه للثلاثة الأصول  
 إعلم رحمك الله [2] أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل [3]
_________
[2] قوله: اعلم: كلمة تشير إلى الاهتمام بالموضوع فإذا قال اعلم: فمعناه أن الأمر الذي سيلقيه عليك أمر مهم، فهذه الكلمة تدل على أهمية الموضوع التي يبدأ بها فيه.
ومعنى اعلم: فعل أمر من العلم، أي تعلم، والعلم: هو إدراك الشيء على ما هو عليه في الواقع أو تصور الشيء على طبق الواقع. وإدراك الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع أو تصور الشيء على خلاف الواقع فهو الجهل وهو ضد العلم.
قوله: رحمك الله: هذا دعاء لطالب العلم، فالشيخ يدعو لطلبة العلم بأن يرحمهم الله، وأن يلقي عليهم رحمته - سبحانه وتعالى - فهذا فيه التلطف من المعلم بالمتعلم، وأنه يبدأ بالكلام الطيب والدعاء الصالح حتى يؤثر ذلك فيه، ويقبل على معلمه. أما إذا بدأ المعلم بالكلام القاسي والكلام غير المناسب فإن هذا يُنفره، فالواجب على المعلم وعلى من يدعو إلى الله، وعلى من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر التلطف بمن يخاطبه بالدعاء والثناء عليه والكلام اللين فإن هذا أدعى للقبول.
[3] قوله: يجب: الواجب: هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، والمستحب: هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، والمباح: لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه.
فقوله: يجب: يعني أن هذا الأمر ليس من المستحب، ولا من المباح بل هو من الواجب العيني.

فإذا تركنا تعلم هذه المسائل فإننا نأثم لأن هذا شأن الواجب، لم يقل يستحب لنا أو يستحسن لنا بل قال يجب علينا وجوبا، والوجوب معناه الحتم، من تركه يأثم، ولأن العلم لا يحصل عليه إلا بالتعلم، والتعلم يحتاج إلى عناية وجهد ووقت، ويحتاج إلى فهم وإلى حضور قلب، هذا هو التعلم.

قوله: أربع مسائل: يعني مباحث، سميت مسائل لأنها يجب أن يُسأل عنها وأن يُعنى بها.

الأربعاء، 1 يناير 2014

الابتداء "ببسم الله الرحمن الرحيم" سُنَّة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح الفوزان في مقدمته لكتاب شرح ثلاثة الأصول :
قال رحمه الله: بسم الله الرحمن الرحيم [1]
البدء " ببسم الله الرحمن الرحيم " في كل أمر له أهمية وكل مؤلف له أهمية وله قيمة، وكل رسالة.
وعلى هذا فالذين لا يبدءون مؤلفاتهم ورسائلهم " ببسم الله الرحمن الرحيم " هؤلاء تركوا السنة النبوية والاقتداء بكتاب الله - عز وجل -، وربما بسبب ذلك أن كتبهم هذه ورسائلهم ليس فيها بركة وليس فيها فائدة؛ لأنها إذا خلت من " بسم الله الرحمن الرحيم " فإنها منزوعة الفائدة.
لماذا تركوا " بسم الله الرحمن الرحيم "؟ إنما تركوها لأنها سُنة، وهم ينفرون من السنة، أو يقلدون من ينفر من السنة، فينبغي التنبه لمثل هذا.
فمعنى " بسم الله الرحمن الرحيم ": الاستعانة باسم الله.
فقوله: بسم الله: جار ومجرور متعلق بمحذوف، تقديره: أستعين بسم الله الرحمن الرحيم، أو أبتدئ ببسم الله الرحمن الرحيم تبركا بها واستعانة بالله - عز وجل -.
فهي مطلع عظيم للكلام وللكتب والرسائل، فالإنسان يستعين بالله في بدايتها ويتبرك باسمه سبحانه وتعالى.

_______________________________
[1] ابتدأ رحمه الله هذه الرسالة بالبسملة اقتداء بكتاب الله - عز وجل -، فإن أول ما يقع عليه بصرك في المصحف وقبل كل سورة منه " بسم الله الرحمن الرحيم ".
فالبداءة بها في الرسائل وفي الكتب وفي المؤلفات اقتداء بكتاب الله - عز وجل -، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكتبها في أول رسائله حينما يكتب إلى الأمراء والرؤساء وإلى من في أقطار الأرض يدعوهم إلى الإسلام يبدأ كتابته " ببسم الله الرحمن الرحيم ".
وكان - صلى الله عليه وسلم - يفتتح أحاديثه وكلامه " ببسم الله الرحمن الرحيم " مما يدل على أن البداءة " ببسم الله الرحمن الرحيم " سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما أن سليمان - عليه السلام - لما كتب إلى بلقيس ملكة سبأ بدأ كتابه " ببسم الله الرحمن الرحيم ": {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 29 - 31]


Translate