بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم
معنى
العبادة وما تقتضيه محبة الله سبحانه
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله تعالى -:
فإن الله سبحانه دلنا على نفسه
الكريمة بما أخبرنا به في كتابه العزيز؛ وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وبذلك
أنزل الكتب وأرسل الرسل. فقال تعالى: {شرع
لكم من الدين ما وصى به نوحا}
إلى قوله: {ينيب} . وقال: {واسأل
من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} وقال تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله
إلا أنا فاعبدون} . وقد ثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد؟ .
والشرائع مختلفة} فجميع الرسل
متفقون في الدين الجامع في الأصول الاعتقادية والعلمية كالإيمان بالله ورسله
واليوم الآخر والعملية كالأعمال العامة المذكورة في سورة الأنعام والأعراف وبني
إسرائيل وهو: قوله تعالى {قل
تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} الآيات الثلاث وقوله {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} الآية وقوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها
وما بطن} الآية وقوله: {وقضى
ربك ألا تعبدوا إلا إياه}
إلى آخر الوصايا وقوله: {قل
هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة}
الآية. فالدعوة والعبادة اسم جامع لغاية الحب لله وغاية الذل له فمن ذل له من غير
حب لم يكن عابدا بل يكون هو المحبوب المطلق؛ فلا يحب شيئا إلا له ومن أشرك غيره في
هذا وهذا لم يجعل له حقيقة الحب فهو مشرك؛ وإشراكه يوجب نقص الحقيقة. كقوله تعالى:
{ومن الناس من يتخذ من دون الله
أندادا يحبونهم كحب الله}
الآية. والحب يوجب الذل والطاعة والإسلام: أن يستسلم لله لا لغيره فمن استسلم له
ولغيره فهو مشرك ومن لم يستسلم له فهو متكبر وكلاهما ضد الإسلام. والقلب لا يصلح
إلا بعبادة الله وحده وتحقيق هذا تحقيق الدعوة النبوية. ومن المحبة الدعوة إلى
الله؛ وهي الدعوة إلى الإيمان به وبما جاءت به رسله بتصديقهم فيما أخبروا به
وطاعتهم بما أمروا به فالدعوة إليه من الدعوة إلى الله تعالى وما أبغضه الله
ورسوله فمن الدعوة إلى الله النهي عنه ومن الدعوة إلى الله أن يفعل العبد ما أحبه
الله ورسوله ويترك ما أبغضه الله ورسوله من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة بما
أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته ومن سائر المخلوقات
كالعرش والكرسي؛ والملائكة والأنبياء وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
مجموع الفتاوى 20/5