بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم
إجماع
العلماء معناه وهل قول الصحابة حجة؟
سئل شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله تعالى -: عن معنى
إجماع العلماء؛ وهل يسوغ للمجتهد خلافهم؟ وما معناه؟ وهل قول الصحابي حجة؟ .
فأجاب:
الحمد لله، معنى الإجماع: أن تجتمع علماء المسلمين على حكم
من الأحكام. وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم؛
فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة ولكن كثير من المسائل يظن بعض الناس فيها إجماعا ولا
يكون الأمر كذلك بل يكون القول الآخر أرجح في الكتاب والسنة.
وأما أقوال بعض الأئمة كالفقهاء الأربعة وغيرهم؛ فليس حجة
لازمة ولا إجماعا باتفاق المسلمين بل قد ثبت عنهم - رضي الله عنهم - أنهم نهوا الناس
عن تقليدهم؛ وأمروا إذا رأوا قولا في الكتاب والسنة أقوى من قولهم: أن يأخذوا بما دل
عليه الكتاب والسنة ويدعوا أقوالهم. ولهذا كان الأكابر من أتباع الأئمة الأربعة لا
يزالون إذا ظهر لهم دلالة الكتاب أو السنة على ما يخالف قول متبوعهم اتبعوا ذلك مثل
مسافة القصر؛ فإن تحديدها بثلاثة أيام أو ستة عشر فرسخا لما كان قولا ضعيفا كان طائفة
من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم ترى قصر الصلاة في السفر الذي هو دون ذلك كالسفر من
مكة إلى عرفة؛ فإنه قد ثبت أن أهل مكة قصروا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وعرفة.
وكذلك طائفة من أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد قالوا: إن جمع الطلاق الثلاث محرم وبدعة؛
لأن الكتاب والسنة عندهم إنما يدلان على ذلك وخالفوا أئمتهم. وطائفة من أصحاب مالك
والشافعي وأبي حنيفة رأوا غسل الدهن النجس؛ وهو خلاف قول الأئمة الأربعة. وطائفة من
أصحاب أبي حنيفة رأوا تحليف الناس بالطلاق وهو خلاف الأئمة الأربعة بل ذكر ابن عبد
البر أن الإجماع منعقد على خلافه. وطائفة من أصحاب مالك وغيرهم قالوا: من حلف بالطلاق
فإنه يكفر يمينه؛ (...)
وأما أقوال الصحابة؛ فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة
عند جماهير العلماء وإن تنازعوا رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول. ولم يكن قول بعضهم
حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء وإن قال بعضهم قولا ولم يقل بعضهم بخلافه ولم
ينتشر؛ فهذا فيه نزاع وجمهور العلماء يحتجون به كأبي حنيفة. ومالك؛ وأحمد في المشهور
عنه؛ والشافعي في أحد قوليه وفي كتبه الجديدة الاحتجاج بمثل ذلك في غير موضع ولكن من
الناس من يقول: هذا هو القول القديم.
مجموع الفتاوى 10-20/14