الأحد، 28 سبتمبر 2014

التكبير المطلق في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة

التكبير المطلق في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة
سأسمع بعض الناس في أيام التشريق يكبرون بعد كل صلاة حتى عصر اليوم الثالث، هل هم على صواب أم لا؟
جيشرع في عيد الأضحى التكبير المطلق، والمقيد، فالتكبير المطلق في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق. وأما التكبير المقيد فيكون في أدبار الصلوات المفروضة من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وقد دل على مشروعية ذلك الإجماع، وفعل الصحابة رضي الله عنهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء  الفتوى رقم ( 10777 )

من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره
س3: الحديث من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فمن أول شهر ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا بشرته ولا أظفاره شيئًا حتى يضحي، فهل هذا النهي يعم أهل البيت كلهم، كبيرهم وصغيرهم أو الكبير دون الصغير؟
ج3لا نعلم أن لفظ الحديث كما ذكره السائل، واللفظ الذي نعلم أنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ما رواه الجماعة إلا البخاري، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره   ، ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضًا  من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي   ، فهذا الحديث دال على المنع من أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي.

الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 427

فالرواية الأولى فيها الأمر والترك، وأصله أنه يقتضي الوجوب، ولا نعلم له صارفًا عن هذا الأصل، والرواية الثانية فيها النهي عن الأخذ، وأصله أنه يقتضي التحريم، أي: تحريم الأخذ، ولا نعلم صارفًا يصرفه عن ذلك، فتبين بهذا: أن هذا الحديث خاص بمن أراد أن يضحي فقط، أما المضحى عنه فسواء كان كبيرًا أو صغيرًا فلا مانع من أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره بناء على الأصل وهو الجواز، ولا نعلم دليلاً يدل على خلاف الأصل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

هل الأفضل للأنسان أن يتخصص في العلوم المادية أم العلوم الشرعية؟

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [92-93/1]
السؤال: إذا كانت الأمة أحوج إلى العلوم المادية كالطب والهندسة وغيرها، فهل الأفضل للإنسان أن يتخصص في العلوم المادية أم العلوم الشرعية؟
فأجاب بقوله: لا شك أن الأصل هو العلوم الشرعية ولا يمكن لإنسان أن يعبد الله حق عبادته إلا بالعلم الشرعي كما قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] .
فلا بد من العلم الشرعي الذي تقوم به حياة المرء في الدنيا والآخرة، ولا يمكن لأي دعوة أن تقوم إلا وهي مبنية على العلم، وبهذه المناسبة أود أن أحث إخواني الدعاة إلى الله أن يتعلموا قبل أن يدعوا وليس معنى ذلك أن يتبحروا في العلم لكن ألا يتكلموا بشيء إلا وقد بنوه على العلم؛ لأنهم إذا تكلموا بما لا يعلمون كانوا داخلين تحت قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] .
والعلوم الشرعية تنقسم إلى قسمين:
قسم لا بد للإنسان من تعلُّمه وهو ما يحتاجه في أمور دينه ودنياه.
وقسم آخر وهو فرض كفاية، فإنه هنا يمكن الموازنة بينه وبين ما تحتاجه الأمة من العلوم الأخرى التي ليست من العلوم الشرعية.
وكذلك العلوم الأخرى التي ليست من العلوم الشرعية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- قسم علوم ضارة، فيحرم تعلمها ولا يجوز للإنسان أن يشتغل بهذه العلوم مهما تكن نتيجتها.
2- قسم علوم نافعة، فإنه يتعلم منها ما فيه النفع.

3- وقسم العلوم التي جهلها لا يضر والعلم بها لا ينفع وهذه لا ينبغي للطالب أن يقضي وقته في طلبها. كعلوم المنطق وغيره.

التقليد بمنزلة الميتة إن اضطررت إليها فكلها، وإن استغنيت عنها فهي حرام عليك

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [92/1]
وسئل فضيلته: كثر عند بعض الشباب الصالح القول بعدم التقليد مستندين إلى بعض أقوال ابن القيم عليه رحمة الله، فما قولكم؟
فأجاب بقوله: الحقيقة إنني أؤيد هذا، أن الإنسان لا يركن إلى التقليد؛ لأن المقلد قد يخطىء، ولكني مع ذلك لا أرى أن نبتعد عن أقوال أهل العلم السابقين حتى لا نتشتت ونأخذ من كل مذهب؛ لأننا وجدنا أن الإخوة الذين يُنكرون التقليد وجدناهم أحيانًا يضيعون حتى يقولوا بما لم يسبقهم إليه أحد.
ولكن إذا دعت الضرورة إلى التقليد فإنه لا بد منه؛ لقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] .
فأوجب سبحانه سؤال أهل الذكر إذا كنا لا نعلم، وسؤالهم يتضمن اعتماد قولهم وإلا لم يكن لسؤالهم فائدة.

فالتقليد كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- بمنزلة الميتة إن اضطررت إليها فكلها، وإن استغنيت عنها فهي حرام عليك، فمتى نزل بالإنسان نازلة ولا يتمكن من مطالعتها في الكتب التي تسوق الأدلة فلا حرج عليه حينئذ أن يقلد، ولكنه يقلد من يراه أقرب إلى الحق في علمه وأمانته، وأما ما دام عنده قدرة على استنباط الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقلد.

حكم مشاهدة الأفلام التعليمية التي قد تكون فيها نساء

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [91-92/1]
السؤال: عن حكم مشاهدة الأفلام التعليمية التي قد تكون فيها نساء وخصوصًا أفلام تعلم اللغة الإنجليزية؟
فأجاب قائلا: أنا أرى أن مشاهدة الأفلام التعليمية جائزة ولا بأس بها؛ لأنها مشاهدة لأمر يكون خيرًا، وإذا كان الذي يظهر من النساء والمشاهدون رجال فإن حصل تمتع بالنظر إليها فهذا محرم،

وأما إذا لم يكن ذلك فهذا محل توقف عندي، وعلى كل حال فإنني أكره ذلك؛ لأنه يُخشى على الإنسان من الفتنة إذا شاهد ذلك، وبالإمكان إذا كان الذي يتكلم في هذه الحلقة امرأة أن تضع على الشاشة غطاء حتى لا تظهر أمام الطلبة، هذا إذا اضطررنا إلى الاستماع للمرأة بحيث لا يوجد لهذا الموضوع رجل، فإن كان يوجد رجل فلا يعدل عنه إلى النساء إذا كان المتعلمون رجالا والعكس بالعكس.

حكم تعلم اللغة الإنجليزية في الوقت الحاضر

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [91-/1]
وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: عن حكم تعلم اللغة الإنجليزية في الوقت الحاضر؟
فأجاب بقوله: تعلمها وسيلة، فإذا كنت محتاجًا إليها كوسيلة في الدعوة إلى الله فقد يكون تعلمها واجبًا، وإن لم تكن محتاجًا إليها فلا تشغل وقتك بها واشتغل بما هو أهم وأنفع، والناس يختلفون في حاجتهم إلى تعلم اللغة الإنجليزية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود1.
فتعلم اللغة الإنجليزية وسيلة من الوسائل إن احتجت إليها تعلمتها وإن لم تحتج إليها فلا تضع وقتك فيها.
____

1 حسن: رواه أحمد 5/186. والبخاري في الكبير 3/380, 381. وأبو داود 3645. والترمذي 2715. وحسنه الألباني في الصحيحة 187.

نقاط مفيدة في طلب العلم

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [91-90/1]
سئل الشيخ: رحمه الله تعالى: ما طريقة طلب العلم باختصار جزاكم الله خيرًا؟
فأجاب: بقوله: طريقة طلب العلم باختصار في نقاط:
1- احرص على حفظ كتاب الله تعالى واجعل لك كل يوم شيئا معينًا تحافظ على قراءته بتدبر وتفهم، وإذا عنت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.
2- احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حفظ عمدة الأحكام.
3- احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نتفًا من هذا شيئًا ومن هذا شيئًا؛ لأن هذا يضيع وقتك ويشتت ذهنك.
- ابدأ بصغار الكتب وتأملها جيدًا ثم انتقل إلى ما فوقها، حتى تحصل على العلم شيئًا فشيئًا على وجه يرسخ في قلبك وتطمئن إليه نفسك.
5- احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيِّد كل شيء يمر بك من هذا القبيل فقد قيل: من حُرم الأصول حُرم الوصول.
6- ناقش المسائل مع شيخك، أو مع من تثق به علمًا ودينًا من أقرانك، ولو بأن تقدر في ذهنك أن أحدًا يناقشك فيها إذا لم تمكن المناقشة مع من سمينا.


نصائح من ذهب لطالب العلم

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [89-90/1]
النصيحة العامة لطالب العلم أن يكون عليه آثار علمه من تقوى الله - عز وجل والقيام بطاعته، وحسن الخلق، والإحسان إلى الخلق بالتعليم والتوجيه والحرص على نشر العلم بجميع الوسائل سواء كان ذلك عن طريق الصحف أو المجلات أو الكتب أو الرسائل أو النشرات وغير ذلك من الوسائل.
وأنصح طالب العلم أيضًا ألا يتسرع في الحكم على الشيء؛ لأن بعض طلبة العلم المبتدئين تجده يتسرع في الإفتاء وفي الأحكام وربما يخطِّىء العلماء الكبار وهو دونهم بكثير، حتى إن بعض الناس يقول: ناظرت شخصًا من طلبة العلم المبتدئين فقلت له: إن هذا قول الإمام أحمد بن حنبل. فقال: وما الإمام أحمد بن حنبل؛ الإمام أحمد بن حنبل رجل ونحن رجال، سبحان الله!! صحيح أن الإمام أحمد رجل وأنت رجل، فأنتما مستويان في الذكورة، أما في العلم فبينكما فرق عظيم، وليس كل رجل رجلا بالنسبة للعلم.
وأقول: إن على طالب العلم أن يكون متأدبًا بالتواضع وعدم الإعجاب بالنفس وأن يعرف قدر نفسه.
ومن المهم لطالب العلم المبتدئ: ألا يكون كثير المراجعة لأقوال العلماء؛ لأنك إذا أكثرت مراجعتك لأقوال العلماء وجعلت تطالع المغني في الفقه لابن قدامة، والمجموع للنووي والكتب الكبيرة التي تذكر الخلاف وتناقشه فإنك تضيع.

ابدأ أولا كما قلنا بالمتون المختصرة شيئًا حتى تصل إلى الغاية، وأما أن تريد أن تصعد الشجرة من فروعها فهذا خطأ.

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

المنهج الصحيح في طلب العلم

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [87-/1]
السؤال : أرجو من فضيلتكم حفظكم الله تعالى - توضيح المنهج الصحيح في طلب العلم في مختلف العلوم الشرعية جزاكم الله خيرًا وغفر لكم؟
الجواب : العلوم الشرعية على أصناف منها:
1- علم التفسير: فينبغي لطالب العلم أن يقرن التفسير بحفظ كتاب الله عز وجل اقتداء بالصحابة رضي الله عنهم حيث لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، ولأجل أن يرتبط معنى القرآن الكريم بحفظ ألفاظه فيكون الإنسان ممن تلاه حق تلاوته لا سيما إذا طبقه.
2- علم السنة: فيبدأ بما هو أصح، وأصح ما في السنة ما اتفق عليه البخاري ومسلم.
لكن طلب السنة ينقسم إلى قسمين:
فيحفظها كبلوغ المرام، وعمدة الأحكام، وكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد، وما أشبه ذلك. وتبقى الأمهات للمراجعة والقراءة، فهناك حفظ وهناك قراءة يقرأ الأمهات ويكثر من النظر فيها؛ لأن في ذلك فائدتين:
الأولى: الرجوع إلى الأصول.
الثانية: تكرار أسماء الرجال على ذهنه، فإنه إذا تكررت أسماء الرجاء لا يكاد يمر به رجل مثلا من رجال البخاري في أي سند كان إلا عرف أنه من رجال البخاري فيستفيد هذه الفائدة الحديثية.
3- علم العقائد: كتبه كثيرة وأرى أن قراءتها في هذا الوقت تستغرق وقتًا كثيرًا والفائدة موجودة في الزبد التي كتبها مثل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله والعلامة ابن القيم، وعلماء نجد مثل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ومن بعده من العلماء.
4- علم الفقه: ولا شك أن الإنسان ينبغي له أن يُركز على مذهب معين يحفظه ويحفظ أصوله وقواعده، لكن لا يعني ذلك أن نلتزم التزامًا بما قاله الإمام في هذا المذهب كما يلتزم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه يبني الفقه على هذا ويأخذ من المذاهب الأخرى ما قام الدليل على صحته، كما هي طريقة الأئمة من أتباع المذاهب كشيخ الإسلام ابن تيمية، والنووي وغيرهما حتى يكون قد بنى على أصل؛ لأني أرى أن الذين أخذوا بالحديث دون أن يرجعوا إلى ما كتبه العلماء في الأحكام الشرعية، أرى عندهم شطحات كثيرة، وإن كانوا أقوياء في الحديث وفي فهمه لكن يكون عندهم شطحات كثيرة؛ لأنهم بعيدون عما يتكلم به الفقهاء.
فتجد عندهم من المسائل الغريبة ما تكاد تجزم بأنها مخالفة للإجماع أو يغلب على ظنك أنها مخالفة للإجماع، لهذا ينبغي للإنسان أن يربط فقهه بما كتبه الفقهاء- رحمهم الله - ولا يعني ذلك أن يجعل الإمام، إمام هذا المذهب كالرسول - عليه الصلاة والسلام - يأخذ بأقواله وأفعاله على وجه الالتزام، بل يستدل بها ويجعل هذا قاعدة ولا حرج بل يجب إذا رأى القول الصحيح في مذهب آخر أن يرجع إليه، والغالب في مذهب الإمام أحمد أنه لا تكاد ترى مذهبًا من المذاهب إلا وهو قول للإمام أحمد، راجع كتب الروايتين في المذهب تجد أن الإمام أحمد - رحمه الله - لا يكاد يكون مذهب من المذاهب إلا وله قول يوافقه؛ وذلك لأنه - رحمه الله - واسع الاطلاع ورجّاع للحق أينما كان، فلذلك أرى أن الإنسان يركز على مذهب من المذاهب التي يختارها، وأحسن المذاهب فيما نعلم من حيث اتباع السنة مذهب الإمام أحمد رحمه الله - وإن كان غيره قد يكون أقرب إلى السنة من غيره، على إنه كما أشرت قبل قليل؛ لا تكاد تجد مذهبًا من المذاهب إلا والإمام أحمد يوافقه رحمه الله.
وأهم شيء أيضًا في منهج طالب العلم بعد النظر والقراءة، أن يكون فقيهًا، بمعنى أنه يعرف حكم الشريعة وآثارها ومغزاها وأن يطبق ما علمه منها تطبيقًا حقيقيًّا بقدر ما يستطيع {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
لكن يحرص على التطبيق بقدر ما يستطيع، وأنا أكرر عليكم دائمًا هذه النقطة "التطبيق" سواء في العبادات أو الأخلاق أو في المعاملات. طبِّق حتى يُعرف أنك طالب علم عامل بما علمت.
ونضرب مثلا إذا مَرّ أحدكم بأخيه هل يشرع له أن يسلم عليه؟

الجواب: نعم يشرع ولكن أرى الكثير يمر بإخوانه وكأنما مر بعمود لا يسلم عليه، وهذا خطأ عظيم حيث يمكن أن ننقد العامة إذا فعلوا مثل هذا الفعل، فكيف لا يُنتقد الطالب؟ وما الذي يضرك إذا قلت السلام عليكم؟ وكم يأتيك؟ عشر حسنات - تساوي الدنيا كلها عشر حسنات لو قيل للناس: كل من مر بأخيه وسلم عليه سيدفع له ريال، لوجدت الناس في الأسواق يدورون لكي يسلموا عليه؛ لأن سيحصل على ريال لكن عشر حسنات نفرط فيها. والله المستعان.

هل يقلد طالب العلم المبتدئ إماما من أئمة المذاهب أم يخرج عنه؟

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [87-/1]
السؤال : ما توجيه فضيلتكم حفظكم الله تعالى لطالب العلم المبتدئ هل يقلد إمامًا من أئمة المذاهب أم يخرج عنه؟
الجواب : قال الله -عز وجل-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] .

فإذا كان هذا طالبًا ناشئًا لا يعرف كيف يُخرج الأدلة فليس له إلا التقليد سواء قلد إمامًا سابقًا ميتًا أو إمامًا حاضرًا عالم من العلماء وسأله، هذا هو الأحسن، لكن إذا تبين له أن هذا القول مُخالف للحديث الصحيح وجب عليه أن يأخذ بالحديث الصحيح.

الأحد، 7 سبتمبر 2014

ملازمة عالم واحد مهمة جدا مادام الطالب في أول الطريق كي لا يتذبذب

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [81-82/1]
السؤال: ذكر الخطيب البغدادي جانبًا من جوانب تعلم العلم وهو لزوم أحد العلماء أو أحد المشائخ فما رأي فضيلتكم؟
الجواب : هذا جيد كون الإنسان يركز على شيخ من المشايخ يجعله هو الأصل لا سيما المبتدئ الصغير، المبتدئ الصغير إذا طلب العلم على عدة أناس تذبذب؛ لأن الناس ليسوا على رأي واحد خصوصًا في عصرنا الآن، كان فيما سبق أي قبل مدة كان الناس هنا في المملكة لا يخرجون أبدًا عن الإقناع والمنتهى؛ فتجد فتاواهم واحدة، وشروحهم واحدة، لا يختلف واحد عن الآخر إلا في الإلقاء وحسن الأسلوب، لكن الآن لما كان كل واحد حافظًا حديثًا أو حديثين قال: أنا الإمام المقتدى به والإمام أحمد رجل ونحن رجال، فصارت المسألة فوضى، صار كل إنسان يفتي أحيانًا تأتي الفتاوى تُبكي وتُضحك، وكنت أهم أن أدون مثل هذه الفتاوى لكن كنت أخشى أن أكون ممن تتبع عورات إخوانه فتركته تحاشيًا مني وإلا نقلنا أشياء بعيدة عن الصواب بُعد الثريا عن الثرى.
فأقول: ملازمة عالم واحد مهمة جدًّا ما دام الطالب في أول الطريق لكي لا يتذبذب، ولهذا كان مشايخنا ينهوننا عن مطالعة المغني وشرح المهذب والكتب التي فيها أقوال متعددة عندما كنا في زمن الطلبة، وذكر لنا بعض مشايخنا أن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بابطين رحمه الله - وهو من أكبر مشايخ نجد مفتي الديار النجدية ذكروا أنه كان مُكبًا على الروض المربع لا يطالع إلا إياه ويكرره، كل ما خلص منه كرره لكن يأخذه بالمفهوم والمنطوق والإشارة والعبارة فحصل خيرا كثيرا.

أما إذا توسعت مدارك الإنسان فهذا ينبغي له أن ينظر أقوال العلماء يستفيد منها فائدة علمية وفائدة تطبيقية، لكن في أول الطلب أنا أنصح الطالب أن يركز على شيخ مُعين لا يتعداه.

الولاء والبراء والحسد من طلاب العلم

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [81-80/1]
السوال: ما نصيحة فضيلتكم لمن يجعل الولاء والبراء لإخوانه في موافقتهم له في مسألة أو عدم موافقتهم له، وكذلك ما يحصل من الحسد والبغض من طلاب العلم؟
الجواب: هذا صحيح، فإن بعض الناس يجعلون الولاء والبراء مقيد بالموافقة له أو عدم الموافقة، فتجد الشخص يتولى الشخص؛ لأنه وافقه فيها، يتبرأ منه لأنه خالفه فيها، وأذكر لكم قصة مرت علينا في منى بين طائفتين من الإفريقيين كل واحد يلعن الثاني ويكفره، فجيء بهم إلينا، وهم يتنازعون قلنا: ما الذي حدث؟ قال الأول: هذا الرجل إذا قام إلى الصلاة يضع يده اليمنى على اليسرى فوق الصدر وهذا كفر بالسنة، وقال الثاني: هذا إذا قام للصلاة يرسل يديه على الفخذين دون أن يجعل اليمنى على اليسرى وهذا كفر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رغب عن سنتي فليس مني" 1.
وعلى هذا يكفر بعضهم بعضًا!! مع العلم أن هذه المسألة مسألة سنة، وليست واجبة ولا ركن ولا شرط للصحة وبعد جهد وعناء كبير اقتنعوا أمامنا والله أعلم بما وراءنا.
والآن تجد بعض الإخوان مع الأسف يرد على إخوانه أكثر مما يرد على الملحدين الذين كفرهم صريح، يعاديهم أكثر مما يعادي هؤلاء ويشهر بهم في كلام لا أصل له، ولا حقيقة له، لكن حسد وبغي، ولا شك أن الحسد من أخلاق اليهود أخبث عباد الله.
ثم إن الحسد لا يستفيد منه الحاسد إطلاقا، بل لا يزيده إلا غمًّا وحسرة، ابغ الخير للغير يحصل لك الخير، واعلم أن فضل الله يؤتيه من يشاء، لو حسدت فإنك لن تمنع فضل الله، ربما تمنع فضل الله عليك بمحبتك زوال فضل الله على غيرك وكراهتك نعمة الله على غيرك، لذلك الحاسد في ظروف طالب العلم مشكوك في نيته وإخلاصه في طلب العلم؛ لأنه إنما حسد لكون الثاني صار له جاه عند الناس وله كلمة والتف الناس حوله فحسده، لكونه يريد الدنيا، أما لو كان يريد الآخرة حقًّا، ويريد العلم حقًّا، لسأل عن هذا الرجل الذي التف الناس حوله وأخذوا بقوله. تسأل عن علمه لتكون مثله أيضًا؛ تجيء أنت لتستفيد منه؛ أما أن تحسده وتشوه سمعته، وتذكر فيه من العيوب ما ليس فيه فهذا لا شك أنه بغي وعدوان وخصلة ذميمة.
__________

1 متفق عليه: رواه البخاري 5063. ومسلم 1401.

الخميس، 4 سبتمبر 2014

ضعف الهمة والفتور في طلب العلم

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [79-80/1]
السؤال : فضيلة الشيخ يلاحظ ضعف الهمة والفتور في طلب العلم، فما الوسائل والطرق التي تدفع إلى علو الهمة والحرص على العلم؟
فأجاب حفظه الله ورعاه بقوله: ضعف الهمم في طلب العلم الشرعي من المصائب الكبيرة وهناك أمور لا بد منها:
الأمر الأول: الإخلاص لله عز وجل في الطلب والإنسان إذا أخلص لله في الطلب وعرف أنه يُثاب على طلبه وسيكون في الدرجة الثالثة من درجات الأمة فإن همته تنشط {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] .
ثانيا: أن يُلازم زملاء يحثونه على العلم ويساعدونه على المناقشة والبحث ولا يمل من صحبتهم ما داموا يعينونه على العلم.
ثالثا: أن يصبر نفسه بمعنى يحبسها لو أرادت أن تتفلت، قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 28] .

فليصبر؛ وإذا صبر وتعود الطلبة صار الطلب سجية له وصار اليوم الذي يفقد فيه الطلب يومًا طويلا عليه، أما إذا أعطى نفسه العنان فلا، فالنفس أمارة بالسوء والشيطان يحثه على الكسل وعدم التعلم.

العلم يُتلقى على يد العلماء الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [79-/1]
السؤال : هناك بعض طلبة العلم يحرص على حضور دروس طلبة العلم دون أن يلقي اهتمامًا بدروس العلماء الذين جمعوا ما لم يجمعه طلبة العلم. فما توجيه فضيلتكم؟

الجواب: الذي أراه أن الإنسان ينبغي أن يطلب العلم على عالم ناضج؛ لأن بعض طلبة العلم يتصدر للتدريس فيحقق المسألة من المسائل سواء حديثية أو فقهية أو عقائدية يحققها تمامًا ويراجع عليها، فإذا سمعه الناشيء من طلبة العلم ظن أنه من أكابر العلماء، لكن لو خرج قيد أنملة عن هذا الموضوع الذي حققه ونقحه وراجع عليه وجدت أنه ليس عنده علم، لذلك يجب على طالب العلم المبتدئ أن يتلقى العلم على يد العلماء الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم.

باللتي هي أحسن

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

من (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [79-78/1]
يُحكى أن رجلا من أهل الحسبة مر على فلاح يسني إبله وكان في أذان المغرب. وكان هذا الفلاح يغني؛ لأن الإبل إذا سمعت

الغناء تمشي كأنها مجنونة؛ لأنها تطرب فكان يغني غافلا ولا يسمع الأذان فتكلم عليه رجل الحسبة بكلام شديد. قال له - أي صاحب الإبل -: سوف أغني وأستمر في الغناء وإذا ما ذهبت فالعصا لمن عصا، - يقول هذا الكلام بسبب أنه جاءه بعنف - فذهب صاحب الحسبة إلى الشيخ القاضي وقال له: أنا ذهبت لفلان وسمعته يغني على إبله والمؤذن يؤذن المغرب ونصحته فلم يستجب. فلما كان من الغد ذهب الشيخ القاضي إلى مكان صاحب الإبل في الوقت نفسه فلما أذن جاء الفلاح وقال له: يا أخي أذن المؤذن فعليك أن تذهب وتصلي فإن الله يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:132] . فقال صاحب الإبل: جزاك الله خير، ووضع العصا التي يسوق بها الإبل وتوضأ ومشى معه، وماذا حصل؟ حصل المقصود، أما الأول لو تمادى معه لحصل الشر وترك الخير، ولكن الثاني أتاه بالتي هي أحسن فانقاد تمامًا، فلذلك أقول: إن بعض طلبة العلم يكون عندهم غيرة لكن لا يحسنون التصرف، والواجب أن الإنسان يكون في تصرفاته على علم وبصيرة وعلى قدر كبير من الحكمة نسأل الله للجميع التوفيق والحمد الله رب العالمين.

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

طالب العلم يطلب العلم ولا يلتفت للشهادة حتى تكون النية سليمة

بســـــــم الله الرحمــــــن الرحيــــم

الفصل الثاني: فتاوى حول العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [77-76/1]
سئل فضيلة الشيخ: يتحرج بعض طلبة العلم الشرعي عند قصدهم العلم والشهادة فكيف يتخلص طالب العلم من هذا الحرج؟
فأجاب بقوله: يجاب على ذلك بأمور:
أحدها: أن لا يقصدوا بذلك الشهادة لذاتها، بل يتخذون هذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق؛ لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية على الشهادات، والناس غالبًا لا يستطيعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة وبذلك تكون النية سليمة.
الثاني: أن من أراد العلم قد لا يجده إلا في هذه الكليات فيدخل فيها بنية طلب العلم ولا يؤثر عليه ما يحصل له من الشهادة فيما بعد.
الثالث: أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حُسنى الدنيا، وحُسنى الآخرة فلا شيء عليه في ذلك؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3] .
وهذا ترغيب في التقوى بأمر دنيوي.
فإن قيل: من أراد بعمله الدنيا كيف يُقال بأنه مخلص؟
فالجواب: أنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقا فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم على عبادته بل قصد أمرًا ماديًّا من ثمرات العبادة، فليس كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ويريد أن يمدحوه به، لكنه بإرادة هذا الأمر المادي نقص إخلاصه فصار معه نوع من الشرك وصارت منزلته دون منزلة من أراد الآخرة إرادة محضة.

وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية؛ فمثلا يقولون في الصلاة رياضة وإفادة للأعصاب، وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات، والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل؛ لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة، ولذلك بيَّن الله تعالى في كتابه حكمة الصوم - مثلا أنه سبب للتقوى، فالفوائد الدينية هي الأصل، والدنيوية ثانوية، وعندما نتكلم عند عامة الناس فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية، وعندما نتكلم عند ممن لا يقتنع إلا بشيء مادي فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ولكل مقام مقال.

Translate