بســـــــم الله
الرحمــــــن الرحيــــم
الأسباب المعينة على
طلب العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [48-43/1]
الأسباب المعينة على طلب العلم كثيرة، نذكر منها:
أولا: التقوى:
وهي وصية الله للأولين والآخرين من عباده، قال الله
تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}
[النساء: 131] .
وهي أيضًا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، فعن
أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يخطب في حجة الوداع فقال: "اتقوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدّوا زكاة أموالكم،
وأطيعوا أمراءكم تدخلوا جنة ربكم" 1.
ثانيًا: المثابرة
والاستمرار على طلب العلم:
يتعين على طالب العلم أن يبذل الجهد في إدراك العلم
والصبر عليه وأن يحتفظ به بعد تحصيله، فإن العلم لا يُنَال براحة الجسم، فيسلك
المتعلم جميع الطرق الموصلة إلى العلم وهو مُثَاب على ذلك؛ لما ثبت في صحيح مسلم
عن2 النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"من سلك طريقًا يلتمس
به علمًا سهَّل الله له طريقا إلى الجنة ".
فليثابر طالب العلم ويجتهد ويسهر الليالي ويدع عنه كل ما
يصرفه أو يشغله عن طلب العلم.
ثالثًا الحفظ:
فيجب على طالب العلم الحرص على المذاكرة وضبط ما تعلمه
إما بحفظه في صدره، أو كتابته، فإن الإنسان عرضة للنسيان، فإذا لم يحرص على
المراجعة وتكرار ما تعلمه فإن ذلك يضيع منه وينساه وقد قيل:
العلم صيد والكتابة قيده ... قيِّد صيودك بالحبال
الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة ... وتتركها بين الخلائق
طالقة
ومن الطرق التي تعين على حفظ العلم وضبطه أن يهتدي
الإنسان بعلمه، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] .
وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ
الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] .
فكلما عمل الإنسان بعلمه زاده الله حفظًا وفهمًا، لعموم
قوله: {زَادَهُمْ هُدًى} .
رابعًا ملازمة
العلماء:
يجب على طالب العلم أن يستعين بالله عز وجل ثم بأهل
العلم، ويستعين بما كتبوا في كتبهم؛ لأن الاقتصار على مجرد القراءة والمطالعة
يحتاج إلى وقت طويل بخلاف من جلس إلى عالم يبين له ويشرح له وينير له الطريق، وأنا
لا أقول: إنه لا يُدرَك العلم إلا بالتلقي من المشايخ، فقد يدرك الإنسان بالقراءة
والمطالعة لكن الغالب أنه إذا ما أكبّ إكبابًا تامًّا، ورزق الفهم فإنه قد يخطئ
كثيرًا ولهذا يقال: من كان دليله كتابه فخطؤه أكثر من صوابه، ولكن هذا ليس على
الإطلاق في الحقيقة.
ولكن الطريقة المثلى أن يتلقى العلم على المشايخ، وأنا
أنصح طالب العلم أيضًا ألا يتلقف من كل شيخ في فن واحد، مثل أن يتعلم الفقه من
أكثر من شيخ؛ لأن العلماء يختلفون في طريقة استدلالهم من الكتاب والسنة، ويختلفون
في آرائهم أيضًا، فأنت تجعل لك عالمًا تتلقى علمه في الفقه أو البلاغة وهكذا، أي
تتلقى العلم في فن واحد من شيخ واحد، وإذا كان الشيخ عنده أكثر من فن فتلتزم معه،
لأنك إذا تلقيت علم الفقه مثلا من هذا وهذا واختلفوا في رأيهم فماذا يكون موقفك
وأنت طالب؟ يكون موقفك الحيرة والشك، لكن التزامك بعالم في فن معين فهذا يؤدي إلى
راحتك.
__________
1 صحيح رواه الترمذي 616. وأحمد 5/251, 262
وصححه الألباني في الصحيحة 687.
2
صحيح: رواه مسلم 2699. والترمذي 2641, 2945/وأبو داود 3643.