بســـــــم الله
الرحمــــــن الرحيــــم
الفصل
الأول: كتب طالب العلم (كتاب العلم للعثيمين رحمه الله) [70-67/4]
التعامل مع الكتاب
يكون بأمور:
الأول: معرفة
موضوعه: حتى يستفيد الإنسان منه؛ لأنه يحتاج
إلى التخصص، ربما يكون كتاب سحر أو شعوذة أو باطل، فلا بد من معرفة موضوع الكتاب
حتى تحصل الفائدة منه.
الثاني: معرفة
مصطلحاته: لأن معرفة المصطلحات يحصل بها أنك
تحفظ أوقاتًا كثيرة، وهذا يفعله العلماء في مقدمات الكتب، فمثلا نعرف أن صاحب
"بلوغ المرام" إذا قال متفق عليه يعني رواه البخاري ومسلم، لكن صاحب
المنتقى على خلاف ذلك فإذا قال صاحب المنتقى - متفق عليه فإنه يعني رواه الإمام
أحمد والبخاري، ومسلم، كذلك يحتاج أن تعرف مثلا إذا قال المؤلف إجماعًا أو وفاقًا،
إذا قال إجماعًا يعني بين الأمة، وإذا قال وفاقًا يعني مع الأئمة الثلاثة كما هو
اصطلاح صاحب "الفروع" في فقه الحنابلة، وكذلك بقية أصحاب المذاهب؛ كلّ
له اصطلاح، فلا بد أن تعرف اصطلاح المؤلف.
الثالث: معرفة
أسلوبه وعباراته: ولهذا تجد أنك إذا
قرأت الكتاب أول ما تقرأ - لا سيما في الكتب العلمية المملوءة علمًا - تجد أنه تمر
بك العبارة تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها؛ لأنك لم تألفه، فإذا كررت هذا الكتاب
ألفته وهناك أيضا أمر خارج عن التعامل مع الكتاب وهو: التعليق بالهوامش أو
الحواشي. فهذا أيضًا مما يجب لطالب العلم أن يغتنمه، وإذا مرت به مسألة تحتاج إلى
شرح، أو إلى دليل، أو إلى تعليل ويخشى أن ينساه فإنه يُعلق إما بالهامش وهو الذي
على اليمين أو اليسار أو بالحاشية وهي التي في الأسفل وكثيرًا ما يفوت الإنسان مثل
هذه الفوائد التي لو علقها لم تستغرق عليه إلا دقيقة أو دقيقتين، ثم إذا عاد
ليتذكرها بقي مدة يتذكرها وقد لا يذكرها. فينبغي على طالب العلم أن يعتني بذلك لا
سيما في كتب الفقه، يمر بك في بعض الكتب مسألة وحكمها ويحصل عندك توقف وإشكال،
فإذا رجعت للكتب التي أوسع من الكتب الذي بين يديك ووجدت قولا يوضح المسألة.
مطالعة الكتب على
نوعين:
أولا: مطالعة تدبر
وتفهم، فهذه لا بد أن يتأمل الإنسان ويتأنى.
ثانيا: مطالعة
استطلاع فقط ينظر من خلالها على موضوع الكتاب، وما
فيه من مباحث، ويتعرف على مضمون الكتاب، وذلك من خلال تصفح وقراءة سريعة للكتاب،
فهذه لا يحصل فيها من التأمل والتدبر ما يحصل في النوع الأول.
جمع الكتب:
ينبغي لطالب العلم أن يحرص على جمع الكتب، ولكن يبدأ
بالأهم فالأهم، فإذا كان الإنسان قليل ذات اليد، فليس من الخير وليس من الحكمة أن
يشتري كتبًا كثيرة يلزم نفسه بغرامة قيمتها، فإن هذا من سوء التصرف، وإذا لم يمكنك
أن تشتري من مالك فيمكنك أن تستعير من أي مكتبة.
الحرص على الكتب
المهمة:
يجب على طالب العلم أن يحرص على الكتب الأمهات الأصول
دون المؤلفات حديثًا؛ لأن بعض المؤلفين حديثًا ليس عنده العلم الراسخ، ولهذا إذا
قرأت ما كتبوا تجد أنه سطحيّ، قد ينقل الشيء بلفظه، وقد يحرفه إلى عبارة طويلة
لكنها غثاء.
فعليك بالأمهات كتب السلف فإنها خير وأبرك بكثير من كتب
الخلف.
لأن غالب كتب المتأخرين قليلة المعاني، كثيرة المباني،
تقرأ صفحة كاملة يمكن أن تلخصها بسطر أو سطرين، لكن كتب السلف تجدها هينة، لينة،
سهلة رصينة، لا تجد كلمة واحدة ليس لها معنى.
تقويم الكتب:
الكتب تنقسم إلى
ثلاثة أقسام.
القسم الأول: كتب خير. القسم الثاني: كتب شر. القسم
الثالث: كتب لا خير ولا شر.
فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير
أو التي فيها شر وهناك كتب يقال: إنها كتب أدب، لكنها تقطع الوقت وتقتله في غير
فائدة، وهناك كتب ضارة ذات أفكار معينة وذات منهج معين، فهذه أيضًا لا تدخل المكتبة
سواء كان ذلك في المنهج أو كان ذلك في العقيدة، مثل كتب المبتدعة التي تضر في
العقيدة، والكتب الثورية التي تضر في المنهج وعمومًا كل كتب تضر فلا تدخل مكتبتك؛
لأن الكتب غذاء للروح كالطعام والشراب للبدن، فإذا تغذيت بمثل هذه الكتب صار عليك
ضرر عظيم واتجهت اتجاهًا مخالفًا لمنهج طالب العلم الصحيح.